سورة طه
(وفيها تسع آيات)
1 ـ
وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (إلى) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي / 29 ـ 32.
2 ـ
وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى / 82.
3 ـ
يَوْمَئِذٍ لاَ تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ / 109.
4 ـ
وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً / 124.
5 ـ
وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا/132.
6 ـ
فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ / 135.
((وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي * هارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي))

طه/ 29 ـ 32.

أخرج (عالم الشافعية)،
الحافظ الخطيب بن المغازلي في مناقبه (بإسناده المذكور) عن ابن عباس قال:
أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بيد علي فصلى أربع ركعات، ثم
رفع يده إلى السماء فقال:

(اللّهم، سألك موسى بن
عمران، وأنا محمد أسألك، أنْ تشرح لي صدري، وتُيّسر لي أمري، وتحلل عقدة
من لساني يفقهوا قولي، واجعل لي وزيراً من أهلي علياً، أشدد به أزري،
وأشركه في أمري).

فقال ابن عباس: فسمعت منادياً ينادي: يا أحمد، قد أُوتيت ما سألت.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم): ارفع يدك إلى السماء (وادع ربك، واسأله يعطك، فرفع يده إلى السماء) وهو يقول:

(اللّهم اجعل لي عندك عهداً، واجعل لي عندك وداً) فأنزل الله على نبيه:

((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا)).

فتلاها النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) على أصحابه، فعجبوا من ذلك عجباً شديداً.

فقال النبي (صلى الله عليه
وآله وسلّم): (ممّ تعجبون، إنّ القرآن أربعة أرباع: فربع فينا أهل البيت
خاصة، وربعٌ حلال وحرام، وربعٌ فرائض وأحكام، والله أنزل في علي كرائم
القرآن) [22].

((وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى))

طه/ 82

قال الفقيه (الشافعي) ابن حجر في (الصواعق)، هذا لفظه:

الآية الثامنة قوله تعالى:

((وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى)).

قال: قال ثابت البناني: اهتدى إلى ولاية علي وأهل بيته [23].

((يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً)):

طه/ 109

روى ابن حجر العسقلاني
(الفقيه الشافعي) في كتابه (فتح الباري) بإسناده عن أبي هريرة رفعه عن
النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال:

من قال: (اللّهم صلِّ على
محمد وعلى آل محمد، كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على
محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وترحم على
محمد وعلى آل محمد، كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم) شهدت له يوم
القيامة وشفعت له [24].

(أقول): باعتبار أن علي بن
أبي طالب (عليه السلام) سيد الآل، ورئيس الآل، وكبيرهم، فالصلاة عليه
مضافاً إلى الصلاة على الرسول وبقية الآل، تجعل النبي (صلى الله عليه
وآله وسلّم) يشفع له، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) لا يشفع حيث لا
تنفع الشفاعة، وإذا شفع قبل الله شفاعته.

((وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى))

طه/ 124

روى الحافظ الحسكاني (الحنفي عن فرات بن إبراهيم في تفسيره (بإسناده المذكور) عن أبي عباس في قوله الله تعالى:

((وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى)).

إنّ من ترك ولاية علي، أعماه الله، وأصمّه [25].

((وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها)).

طه/ 132

روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا الحاكم الوالد (بإسناده المذكور) عن أبي الحمراء خادم النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم):

إنّه لمّا نزلت هذه الآية:

((وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها)).

كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) يأتي باب علي وفاطمة كل صلاة فيقول: الصلاة رحمكم الله.

((إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)) 33/ الأحزاب [26].


* * * * *
وروى
الشيخ المحمودي عن (تاريخ دمشق) بالإسناد المذكور فيه، عن أبي سعيد
الخدري، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم): قال حين نزلت، ((وَأْمُرْ
أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها)) كان يجيء نبي الله (صلى الله
عليه وآله وسلّم) إلى باب علي، صلاة الغداة ثمانية أشهر يقول: الصلاة
رحمكم الله ((إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ
أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)) [27].

(أقول): إنّما كانت
الثمانية الأشهر المساوية لمائتين وخمسين يوماً تقريباً، للتأكيد على أنّ
أهل بيت النبي هم من في بيت علي، لا من في بيوت نفسه (صلى الله عليه
وآله وسلّم) من أزواجه حتى يشهد، ويرى عمل النبي (صلى الله عليه وآله
وسلّم) ذلك كل أحد خلال هذه المدة الكبيرة.

فالتأكيد لم يكن على
الصلاة، إنّما كان على الإلفات الضمني بأن أهل النبي (صلى الله عليه وآله
وسلّم) هم علي وفاطمة وأولادهما، لا غيرهم.

والروايات في هذا الباب كثيرة، نكتفي بذكر هاتين ـ كعادتنا ـ في الإشارة إلى الفضائل لا الاستيعاب.

((... فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى)).

طه/ 135

روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا عقيل بن الحسين (بإسناده المذكور) عن ابن عباس قال:

أصحاب الصراط السوي هو ـ والله ـ محمد وأهل بيته.

والصراط: الطريق الواضح الذي لا عوج فيه [28].

(أقول): قد مرّ في الآية
السابقة ـ وفي غيرها أيضاً ـ أن أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله
وسلّم) هم علي وفاطمة وذريتهما، فشمول هذه الآية لعلي بن أبي طالب (عليه
السلام) إنّما هو بلا إشكال.

الحاشية


[22]
مناقب علي بن أبي طالب/الحديث378.
[23]
دلائل الصدق/ ج1/ ص218.
[24]
فتح الباري/ ج13/ ص411.
[25]
شواهد التنزيل/ ج1/ ص379 ـ 380.
[26]
شواهد التنزيل ـ وهامشه/ ج1/ص381 ـ ص382.
[27]
شواهد التنزيل ـ وهامشه/ ج1/ ص381 ـ 382.
[28]
شواهد التنزيل/ ج1/ ص383.
[38]
ترجمة الإمام علي بن أبي طالب، من تاريخ مدينة دمشق، لابن عساكر/ ج3/ ص87 ـ 91.