الرئيسية
المنشورات
مركز تحميل المنتدى حارتنا المنسية
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
حارتنا المنسية
من طرف مريم 30.05.20 0:39
صمت رهيب يخيم على حارتنا كأنها مهجورة من ساكنيها وأهلها..ألدكاكين والبيوت مغلقة ألابواب وعربات الكارو والخضار مستكنة في ظل ألجدران ألقديمة..ألنوافذ مؤصدة وألمشربيات ألمتواجهة كأنها شواهد قبور صامته..لاشيء يوحي بوجود حياة..سوى صفير الرياح ألمنسابة بين ألعطفات ألمتعرجة على أمتداد ألطريق ألحجري للحارة..وتراءت من خلف ألبيوت ألمتلاصقة مئذنة جامع قلاوون ألاثرية وهي تلمع بنور ألفجر وأنفاس ألصباح ألمنعشة الندية تغلف ألاجواء ...
.سرت في جسده قشعريرة فتلوى في كسل وتثاءب وفتح عينيه ألناعستين وزفرت أنفاسه ضجرا مختلطا ببقايا حلم لذيذ زاره في ألليل وهو قابع هنا في ألقبو ألرطب المظلم ثم نهض بتثاقل ومضى بخطوات يجرها جرا نحو عربته ألمحاذية لسور ألتكية وهو يتمتم بكلمات ممطوطة (صبحنا وأصطبح ألملك لله) وتربع فوقها بجسده الضخم...ثم دبت مظاهر ألحياة في حارتنا تباعا وكأن أستيقاظ (حسب ألله)في هذه ألساعة قد سرى كالمنبه في أرجاء ألبيوت ألغافية منذ ساعات ..فخرج ألمعلم (عفرة) من بيته بقامته ألمديدة وشاربيه ألمفتولين بأتجاه ألمقهى ألوحيد في ألحارة وسبقه (شحته) صبي ألمعلم لتهيئة ألمكان...وأطلت (حسنية) من أحدى ألنوافذ برأسها ألمعصوب وعيناها ألجاحظتان كالضفدع وراحت ترقب زوجها (عفرة)وهو يغادر..ثم تتابعت ألحركات ألدؤؤبة في ألاركان فخرجت (بدرية)وهي تخطر في مشية كلها دلال وهي تحبك لف ألملاءة حول جسدها ويدها اليمنى تروح وتجيء حاملة على رأسها حلة نحاسية فيما راحت تعلك وتدندن بأغنية(أنا هويته وانتهيت...) ورصدتها حسنية بنظراتها ألتي ترى كل شيء في ألحارة تقريبا فلوت بوزها وهزت رأسها بالرغم من عنقها ألغليظ ألملتصق مع ذقنها وتمتمت بكلمات كالسم ..خيل ل(حسب ألله) انه سمعها تشتم (بدرية) فأبتسم في بلاهة وحك مؤخرة قفاه من أثر لسعة غادرة من ألبعوض وألحشرات التي تنشط في هذه ألساعة ورمق (بدرية) وهي تتخذ مجلسها ألمعتاد المواجه لمقهى ألمعلم عفرة أمام عربة الكشري ألتي تعتاش منها وتحلب ريقه لطبق يفطر عليه ويصطبح بالوجه ألحسن ولعلها حجة مناسبة له كي يحضى بالقرب من بدرية وهي أرملة وحيدة في ألاربعين بهية ألطلعة تتطلع أليها عيون رجال ألحارة في أعجاب لكن للاءسف تطاردها شائعات مغرضة مصدرها نساء ألحارة غيرة منها ومن أعجاب ألرجال بها وكثيرا ما كانت تشتبك مع النساء مثل (حسنية)زوجة المعلم عفرة او (سعدية)الخبازة و(خيرية)الدلالة...المهم كانت مشاجرات حامية تجري بالاذرع والالسن والصياح والسباب والشتائم وتكاد(بدرية) تتفوق على كل نساء ألحارة بأستخدام عبارات الشتم بأستثناء (حسنية)فهي ملكة أللسان ألطويل ولايوجد أنسان في ألحارة لم تفصل له (حسنية) كلمات مناسبة أذا دعت ألحاجة لذلك...لهذا يتحاشاها ألجميع عدا(حمودة) فتوة حارتنا ألعتيد وذلك شيء طبيعي غير أنها تقول عنه أن له رقبة حصان وظهر كاللوح..هذه ألمشاجرات كانت تثير ألضحك وألابتسامات العريضة على وجوه ألرجال ألذين يتركون عملهم ويتجمهرون لمشاهدة مسرحيتهم ألمحببة وسط همز ولمز ونظرات خبيثة فرحة تتطلع في خضم المشاجرة ألى ما ينكشف بصورة عفوية من شعر أو عنق أ وساق ..عندها تلمع في وجوه ألحاضرين نظرات نارية وتخفق ألقلوب ألمريضة بأهواء مختلفة..حتى ألمعلم (عفرة)الرجل ألوقور يفرح من أعماقه ويسوي شاربيه ويواصل بصمت تدخين نارجيلته لكن بعمق أكثرويعقد مقارنات سريعة في عقله بين قوام (بدرية) الرشيق الممشوق وجسد زوجته الداهية كأنها قاطرة أو وسادة ضخمة محشوة بالقطن بصورة عشوائية..وتتواصل ألقرقرة ويتصاعد ألدخان ويطير هو معه في فضاءات بنفسجية ليس لها حدود ....
...ثم عاد(حسب الله) ليفتش جيوبه لعله يعثر على قرش مختبيء في طيات ثيابه المتهرءة لكنه لم يعثر على شيء بل أنه أكتشف أن أحدى جيوبه مخروم بطريقة تثير الفزع والسخرية معا بحيث أنه يستطيع تمرير يده كلها ألى الناحية الثانية..ومما زاد من ألم معدته وعصافيرها ألصغيرة هو رائحة ألتقلية التي بدأت تنساب في ألهواء من وراء ألجدران فأغمض عينيه وراح يتمطق كأنه يأكل ما يشمه بينما الذباب يحوم فوق راسه...وسمع صوتا يقول له _الى متى ستبقى على هذا ألحال البطال يا حسبو؟ ....عرف ألصوت قبل أن يفتح عينيه لانه يسمعه منذ ألطفولة انه صديقه (اسماعيل) أو كما يدعونه سمعة .فأبتسم له وتنحى قليلا ليجلس صاحبه ...وتنهد (حسب الله) قائلا
_منذ أن مات ألحمار قبل شهرين وأنا عايش على صدقات ألمحسنين حتى ألبدروم تركته لأني لم أعد قادرا على ثمنه...ولم يكن(سمعة)افضل حالا من صديقه فقد ترك عمله أو بالاحرى طردوه لأنه لا ينتظم في العمل يغيب اياما حتى يقال انه ترك الحارة ثم يعود فجأة معتذرا بزيارة طارئة لجدته ألمريضة في الصعيد ولو أن جدته ماتت منذ سنوات لكنها حجة مناسبة لتبريرغيابه والحق أن (سمعة) هذا لغزا محيرا من ألغاز حارتنا الكثيرة المنطوية....وراح (سمعة)يقلب نعاله ويهز رأسه في أسف قائلا
_يا اخي هذا ألمداس حيرني فعلا كلما خيطته من جهة تمزق من جهة اخرى ..ولم يعره (حسب الله)اهتماما فقد اعتاد احاديثه تلك وكانت يداه متدليتان في ضجر بين ساقيه مفكرا بشيء أخر ربما ببدرية أو الطعام او حلمه الجميل الذي رأه..وسأله (سمعة)
_مالعمل ياحسبو نحن نتحول الى التسول يوما بعد يوم؟....فهز (حسب الله)كتفيه هازئا وقال
_وهل تظن اننا ألان من الاعيان ..ثم سأله في يأس
_اذا فما العمل؟ .....ورد حسبو في حزن
_مثلما تعلم فأنا لا اجيد اي مهنة اخرى غير مهنة المكاري فمنذ الصغر وانا اسعى على عربة وحمار ...اما وقد مات الان فأشعر بالوحدة المميتة القاتلة...فضحك (سمعة)قائلا وهو يهرس رأسه
_لم أراك حزينا هكذا يوم مات أبوك....ثم ساد صمت يشي بالذنب والقسوة غير ألمبررة على الرجل ...فقال (سمعة)بلهجة كالمعتذر
_غدا يتحسن الحال ياحسبو فلا تيأس..ومرت عربة حوذي وهي تضرب الارض الصلبة بطقطقاتها الرنانة الوئيدة ونظر (حسب الله)اليها في حسد وتمنى لو يمتلك عربة وحصانا كهذا في يوم من ألايام...فيما تحلق الاطفال حول عربة (بدرية)واصواتهم الناعمة المتداخلة تملاء الحارة.....
.سرت في جسده قشعريرة فتلوى في كسل وتثاءب وفتح عينيه ألناعستين وزفرت أنفاسه ضجرا مختلطا ببقايا حلم لذيذ زاره في ألليل وهو قابع هنا في ألقبو ألرطب المظلم ثم نهض بتثاقل ومضى بخطوات يجرها جرا نحو عربته ألمحاذية لسور ألتكية وهو يتمتم بكلمات ممطوطة (صبحنا وأصطبح ألملك لله) وتربع فوقها بجسده الضخم...ثم دبت مظاهر ألحياة في حارتنا تباعا وكأن أستيقاظ (حسب ألله)في هذه ألساعة قد سرى كالمنبه في أرجاء ألبيوت ألغافية منذ ساعات ..فخرج ألمعلم (عفرة) من بيته بقامته ألمديدة وشاربيه ألمفتولين بأتجاه ألمقهى ألوحيد في ألحارة وسبقه (شحته) صبي ألمعلم لتهيئة ألمكان...وأطلت (حسنية) من أحدى ألنوافذ برأسها ألمعصوب وعيناها ألجاحظتان كالضفدع وراحت ترقب زوجها (عفرة)وهو يغادر..ثم تتابعت ألحركات ألدؤؤبة في ألاركان فخرجت (بدرية)وهي تخطر في مشية كلها دلال وهي تحبك لف ألملاءة حول جسدها ويدها اليمنى تروح وتجيء حاملة على رأسها حلة نحاسية فيما راحت تعلك وتدندن بأغنية(أنا هويته وانتهيت...) ورصدتها حسنية بنظراتها ألتي ترى كل شيء في ألحارة تقريبا فلوت بوزها وهزت رأسها بالرغم من عنقها ألغليظ ألملتصق مع ذقنها وتمتمت بكلمات كالسم ..خيل ل(حسب ألله) انه سمعها تشتم (بدرية) فأبتسم في بلاهة وحك مؤخرة قفاه من أثر لسعة غادرة من ألبعوض وألحشرات التي تنشط في هذه ألساعة ورمق (بدرية) وهي تتخذ مجلسها ألمعتاد المواجه لمقهى ألمعلم عفرة أمام عربة الكشري ألتي تعتاش منها وتحلب ريقه لطبق يفطر عليه ويصطبح بالوجه ألحسن ولعلها حجة مناسبة له كي يحضى بالقرب من بدرية وهي أرملة وحيدة في ألاربعين بهية ألطلعة تتطلع أليها عيون رجال ألحارة في أعجاب لكن للاءسف تطاردها شائعات مغرضة مصدرها نساء ألحارة غيرة منها ومن أعجاب ألرجال بها وكثيرا ما كانت تشتبك مع النساء مثل (حسنية)زوجة المعلم عفرة او (سعدية)الخبازة و(خيرية)الدلالة...المهم كانت مشاجرات حامية تجري بالاذرع والالسن والصياح والسباب والشتائم وتكاد(بدرية) تتفوق على كل نساء ألحارة بأستخدام عبارات الشتم بأستثناء (حسنية)فهي ملكة أللسان ألطويل ولايوجد أنسان في ألحارة لم تفصل له (حسنية) كلمات مناسبة أذا دعت ألحاجة لذلك...لهذا يتحاشاها ألجميع عدا(حمودة) فتوة حارتنا ألعتيد وذلك شيء طبيعي غير أنها تقول عنه أن له رقبة حصان وظهر كاللوح..هذه ألمشاجرات كانت تثير ألضحك وألابتسامات العريضة على وجوه ألرجال ألذين يتركون عملهم ويتجمهرون لمشاهدة مسرحيتهم ألمحببة وسط همز ولمز ونظرات خبيثة فرحة تتطلع في خضم المشاجرة ألى ما ينكشف بصورة عفوية من شعر أو عنق أ وساق ..عندها تلمع في وجوه ألحاضرين نظرات نارية وتخفق ألقلوب ألمريضة بأهواء مختلفة..حتى ألمعلم (عفرة)الرجل ألوقور يفرح من أعماقه ويسوي شاربيه ويواصل بصمت تدخين نارجيلته لكن بعمق أكثرويعقد مقارنات سريعة في عقله بين قوام (بدرية) الرشيق الممشوق وجسد زوجته الداهية كأنها قاطرة أو وسادة ضخمة محشوة بالقطن بصورة عشوائية..وتتواصل ألقرقرة ويتصاعد ألدخان ويطير هو معه في فضاءات بنفسجية ليس لها حدود ....
...ثم عاد(حسب الله) ليفتش جيوبه لعله يعثر على قرش مختبيء في طيات ثيابه المتهرءة لكنه لم يعثر على شيء بل أنه أكتشف أن أحدى جيوبه مخروم بطريقة تثير الفزع والسخرية معا بحيث أنه يستطيع تمرير يده كلها ألى الناحية الثانية..ومما زاد من ألم معدته وعصافيرها ألصغيرة هو رائحة ألتقلية التي بدأت تنساب في ألهواء من وراء ألجدران فأغمض عينيه وراح يتمطق كأنه يأكل ما يشمه بينما الذباب يحوم فوق راسه...وسمع صوتا يقول له _الى متى ستبقى على هذا ألحال البطال يا حسبو؟ ....عرف ألصوت قبل أن يفتح عينيه لانه يسمعه منذ ألطفولة انه صديقه (اسماعيل) أو كما يدعونه سمعة .فأبتسم له وتنحى قليلا ليجلس صاحبه ...وتنهد (حسب الله) قائلا
_منذ أن مات ألحمار قبل شهرين وأنا عايش على صدقات ألمحسنين حتى ألبدروم تركته لأني لم أعد قادرا على ثمنه...ولم يكن(سمعة)افضل حالا من صديقه فقد ترك عمله أو بالاحرى طردوه لأنه لا ينتظم في العمل يغيب اياما حتى يقال انه ترك الحارة ثم يعود فجأة معتذرا بزيارة طارئة لجدته ألمريضة في الصعيد ولو أن جدته ماتت منذ سنوات لكنها حجة مناسبة لتبريرغيابه والحق أن (سمعة) هذا لغزا محيرا من ألغاز حارتنا الكثيرة المنطوية....وراح (سمعة)يقلب نعاله ويهز رأسه في أسف قائلا
_يا اخي هذا ألمداس حيرني فعلا كلما خيطته من جهة تمزق من جهة اخرى ..ولم يعره (حسب الله)اهتماما فقد اعتاد احاديثه تلك وكانت يداه متدليتان في ضجر بين ساقيه مفكرا بشيء أخر ربما ببدرية أو الطعام او حلمه الجميل الذي رأه..وسأله (سمعة)
_مالعمل ياحسبو نحن نتحول الى التسول يوما بعد يوم؟....فهز (حسب الله)كتفيه هازئا وقال
_وهل تظن اننا ألان من الاعيان ..ثم سأله في يأس
_اذا فما العمل؟ .....ورد حسبو في حزن
_مثلما تعلم فأنا لا اجيد اي مهنة اخرى غير مهنة المكاري فمنذ الصغر وانا اسعى على عربة وحمار ...اما وقد مات الان فأشعر بالوحدة المميتة القاتلة...فضحك (سمعة)قائلا وهو يهرس رأسه
_لم أراك حزينا هكذا يوم مات أبوك....ثم ساد صمت يشي بالذنب والقسوة غير ألمبررة على الرجل ...فقال (سمعة)بلهجة كالمعتذر
_غدا يتحسن الحال ياحسبو فلا تيأس..ومرت عربة حوذي وهي تضرب الارض الصلبة بطقطقاتها الرنانة الوئيدة ونظر (حسب الله)اليها في حسد وتمنى لو يمتلك عربة وحصانا كهذا في يوم من ألايام...فيما تحلق الاطفال حول عربة (بدرية)واصواتهم الناعمة المتداخلة تملاء الحارة.....
مريم- عضوجديد
- الجنس :
عدد المساهمات : 1
تاريخ التسجيل : 26/09/2019
العمر : 36
مؤيد ال عبدالله- عضومشارك
- الجنس :
عدد المساهمات : 22
تاريخ التسجيل : 28/04/2023
العمر : 56
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى